سورة العاديات تفسير مجالس النور الآية 4

﴿وَٱلۡعَـٰدِیَـٰتِ ضَبۡحࣰا﴾ يُقسِمُ الله تعالى بالخَيل التي تعدُو سريعًا، فيكون لها في صدرها صوتٌ لتسارُع نفَسها، وفائدةُ القسَم - مع ما فيه من تأكيد المُقسَمِ عليه - التنبيه إلى ما في الخَيل من مزايا، وأنَّها من أهم وسائل القتال في ذلك الوقت.
والإشارة إلى هذا المعنى مع أنَّ السورة مكِّيَّة - على الأرجح - يُؤكِّد أنّ الإعداد النفسي والتربوي للمراحِل القادمة بدأ مُبكِّرًا، على خلاف ما يُظنُّ أنَّ القرآن المكي لم يكن يتناوَل إلَّا الموضوعات الإيمانيَّة والعقديَّة.
﴿فَٱلۡمُورِیَـٰتِ قَدۡحࣰا﴾ أي: التي تضرِب الحصى بحوافرها وهي مُسرِعةٌ في عَدْوِها، فينقدحُ الشرَر منه إشارة إلى قوَّتِها وشِدَّة عَدْوِها.
﴿فَٱلۡمُغِیرَ ٰ⁠تِ صُبۡحࣰا﴾ وهذا هو الغالِب في الغارات أن تكون صُبحًا؛ لمباغتة العدو من ناحية، ولإتاحة الوقت الكافِي من النهار قبل أن يُقبِلَ الظلامُ فيختلط العدو بالصديق.
﴿فَأَثَرۡنَ بِهِۦ نَقۡعࣰا﴾ أي: أثَرْنَ بعَدْوهنَّ الغبار.
﴿فَوَسَطۡنَ بِهِۦ جَمۡعًا﴾ أي: أوصَلن راكبهنَّ إلى وسط المعمَعَة وشدَّة القتال بين الفريقَين.
﴿إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودࣱ﴾ هذا هو جواب القسَم، وهو الغرَضُ الرئيسُ من السورة، والكَنود: الكَفور الجَحود.
﴿وَإِنَّهُۥ عَلَىٰ ذَ ٰ⁠لِكَ لَشَهِیدࣱ﴾ أي: يشهَد على نفسه بحالِه ومقالِه؛ لأنَّه مُعلِنٌ لكفره، مُنكِرٌ لنعمةِ الله عليه، مغرورٌ بنفسه وبقوته.
﴿وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَیۡرِ لَشَدِیدٌ﴾ والخير هنا: المال والمتاع الزائل، وهو مثل قوله تعالى: ﴿وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبࣰّا جَمࣰّا﴾ [الفجر: 20]، ومحبَّة المال بذاتها ليسَت نَقصًا، لكن اقتِرانها بالكفر والبخل والظلم هو الذي يجعَلُها في موقع الذمِّ.
﴿۞ أَفَلَا یَعۡلَمُ إِذَا بُعۡثِرَ مَا فِی ٱلۡقُبُورِ﴾ أي: ألا يعلَم ماذا سيحصُلُ له يوم البَعث؟ حين يخرُجُ الناس من قبورهم استِعدادًا للحساب، وصورة القبور المُبعثَرة تبعَث في النفس الرعب والهلَع، وهي صورةٌ تدفَعُ الإنسانَ للتفكير في مصيره وعاقبة أمره.
﴿وَحُصِّلَ مَا فِی ٱلصُّدُورِ﴾ أي: كُشِفَ ما كان يُخفِيه في صدره من نوايا وخفايا؛ فليس هناك ما يُكتم أو يُخفى، وفي العبارة تهديدٌ لا يَخفى.
﴿إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ یَوۡمَىِٕذࣲ لَّخَبِیرُۢ﴾ وهو سبحانه الخبيرُ بهم في ذلك اليوم وفي هذا اليوم، لكنّ تخصيص يوم الحساب بالذكر؛ لأنَّه يوم المجازاة، فناسَبَ التذكير به والتحذير منه.