هذا من أعظم الأدلَّة على أن الله وحده المستحقُّ للعبادة؛ فإنَّه النافع الضارُّ المعطي المانع الذي إذا مسَّ بضُرٍّ كفقر ومرض ونحوها: {فلا كاشف له إلاَّ هو}: لأن الخلق لو اجتمعوا على أن ينفعوا بشيء لم ينفعوا إلا بما كتبه الله ولو اجتمعوا على أن يضرُّوا أحداً؛ لم يقدروا على شيء من ضرره إذا لم يرده [اللهُ]. ولهذا قال: {وإن يُرِدْكَ بخيرٍ فلا رادَّ لفضله}؛ أي: لا يقدر أحدٌ من الخلق أن يردَّ فضله وإحسانه؛ كما قال تعالى: {ما يَفْتَح الله للناس من رحمةٍ فلا مُمْسِكَ لها وما يُمْسِك فلا مرسِلَ له من بعده}. {يصيبُ به مَن يشاء مِن عباده}؛ أي: يختص برحمته من شاء من خلقه والله ذو الفضل العظيم، {وهو الغفور}: لجميع الزَّلات، الذي يوفِّق عبده لأسباب مغفرته، ثم إذا فعلها العبد؛ غفر الله ذنوبه كبارها وصغارها، {الرحيمُ}: الذي وسعت رحمتُه كلَّ شيء ووصل جودُه إلى جميع الموجودات؛ بحيث لا تستغني عن إحسانه طرفة عين. فإذا عرف العبد بالدليل القاطع أن الله هو المنفرد بالنعم وكشف النقم وإعطاء الحسنات وكشف السيئات والكربات، وأنَّ أحداً من الخلق ليس بيده من هذا شيءٌ إلا ما أجراه الله على يده؛ جزم بأنَّ الله هو الحقُّ وأن ما يدعون من دونه هو الباطلُ ولهذا لما بين الدليل الواضح؛ قال بعده: