ومع هذا؛ فأعرض أكثرهُم فهم لا يعلمون، فتعجبوا {أن أوْحَيْنا إلى رجل منهم أن أنذِرِ الناس}: عذابَ الله، وخوِّفْهم نِقَمَ الله، وذكِّرهم بآيات الله، {وبشِّر الذين آمنوا}: إيماناً صادقاً {أنَّ لهم قَدَمَ صدقٍ عند ربِّهم}؛ أي: لهم جزاء موفر وثوابٌ مذخور عند ربِّهم بما قدَّموه وأسلفوه من الأعمال الصالحة الصادقة، فتعجَّب الكافرون من هذا الرجل العظيم تعجُّباً حملهم على الكفر به! فَـ {قال الكافرون} عنه: {إنَّ هذا لَساحرٌ مُبينٌ}؛ أي: بيِّن السحر، لا يَخْفى بزعمهم على أحدٍ، وهذا مِن سَفَهِهِم وعنادهم؛ فإنَّهم تعجَّبوا من أمر ليس مما يُتَعَجَّب منه ويُستغرب، وإنما يُتَعَجَّب من جهالتهم وعدم معرفتهم بمصالحهم؛ كيف لم يؤمنوا بهذا الرسول الكريم الذي بَعَثَهُ الله من أنفسهم؛ يعرفونه حقَّ المعرفة، فردُّوا دعوته، وحرصوا على إبطال دينه؟! والله متمُّ نوره ولو كره الكافرون.