ولذلك أمر تعالى بالفرح بذلك، فقال: {قلْ بفضل الله}: الذي هو القرآنُ، الذي هو أعظم نعمة ومِنَّة وفضل تفضَّل الله به على عباده، ورحمتِهِ: الدين والإيمان وعبادة الله ومحبَّته ومعرفته. {فبذلك فَلْيَفْرَحوا هو خيرٌ مما يجمعون}: من متاع الدُّنيا ولذَّاتها؛ فنعمة الدين المتَّصلة بسعادة الدارين لا نسبة بينها وبين جميع ما في الدُّنيا مما هو مضمحلٌّ زائل عن قريب. وإنَّما أمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته؛ لأنَّ ذلك مما يوجب انبساط النفس ونشاطها وشكرها لله تعالى وقوَّتها وشدَّة الرغبة في العلم والإيمان الداعي للازدياد منهما، وهذا فرحٌ محمودٌ؛ بخلاف الفرح بشهوات الدُّنيا ولذَّاتها أو الفرح بالباطل؛ فإنَّ هذا مذمومٌ؛ كما قال تعالى عن قوم قارون له: {لا تَفْرَحْ إنَّ الله لا يحبُّ الفرحين}، وكما قال تعالى في الذين فرحوا بما عندهم من الباطل المناقض لما جاءت به الرسل: {فلَّما جاءتْهم رسلُهم بالبيِّناتِ فرحوا بما عندَهم من العلم}.