يخبر تعالى عن عموم مشاهدته واطِّلاعه على جميع أحوال العباد في حركاتهم وسَكَناتهم، وفي ضمن هذا الدعوة لمراقبته على الدوام، فقال: {وما تكونُ في شأنٍ}؛ أي: حال من أحوالك الدينيَّة والدنيويَّة، {وما تتلو منه من قرآنٍ}؛ أي: وما تتلو من القرآن الذي أوحاه الله إليك، {ولا تعملون من عمل}: صغيرٍ أو كبيرٍ، {إلاَّ كنَّا عليكم شهوداً إذ تُفيضون فيه}؛ أي: وقت شروعكم فيه واستمراركم على العمل به، فراقبوا الله في أعمالكم، وأدُّوها على وجه النصيحة والاجتهاد فيها، وإيَّاكم وما يَكره الله تعالى؛ فإنه مطَّلع عليكم عالمٌ بظواهركم وبواطنكم. {وما يعزُبُ عن ربِّك}؛ أي: ما يُغابُ عن علمه وسمعه وبصره ومشاهدته {من مثقال ذرَّةٍ في الأرض ولا في السماء ولا أصغرَ من ذلك ولا أكبرَ إلا في كتابٍ مُبين}؛ أي: قد أحاط به علمُه وجرى به قلمُه. وهاتان المرتبتان من مراتب القضاء والقدر كثيراً ما يُقرِنُ الله بينهما، وهما العلم المحيط بجميع الأشياء وكتابته المحيطة بجميع الحوادث؛ كقوله تعالى: {ألم تَعْلَمْ أنَّ الله يعلمُ ما في السماء والأرض إنَّ ذلك في كتابٍ إنَّ ذلك على الله يسيرٌ}.