و {لهم البُشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}: أما البشارة في الدُّنيا؛ فهي الثناء الحسن والمودَّة في قلوب المؤمنين والرؤيا الصالحة وما يراه العبد من لطف الله به وتيسيره لأحسن الأعمال والأخلاق وصرفه عن مساوئ الأخلاق، وأما في الآخرة؛ فأولها البشارة عند قبض أرواحهم؛ كما قال تعالى: {إنَّ الذين قالوا ربُّنا الله ثم استقاموا تتنزَّلُ عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنَّة التي كنتُم توعَدون}: وفي القبر ما يُبَشَّر به من رضا الله تعالى والنعيم المقيم، وفي الآخرة تمام البشرى بدخول جنات النعيم والنجاة من العذاب الأليم. {لا تبديلَ لكلماتِ الله}: بل ما وعد الله؛ فهو حقٌّ لا يمكن تغييره ولا تبديله؛ لأنَّه الصادق في قيله، الذي لا يقدر أحدٌ أن يخالفه فيما قدره وقضاه. {ذلك هو الفوزُ العظيمُ}: لأنه اشتمل على النجاة من كلِّ محذور، والظَّفر بكل مطلوب محبوب، وحَصَرَ الفوز فيه؛ لأنه لا فوز لغير أهل الإيمان والتقوى. والحاصل أنَّ البُشرى شاملةٌ لكل خير وثواب رتَّبه الله في الدنيا والآخرة على الإيمان والتقوى، ولهذا أطلق ذلك فلم يقيِّده.