فأمر الله موسى أن يسري ببني إسرائيل ليلاً، وأخبره أنهم سَيَتَّبِعُونه ، وأرسل فرعونُ في المدائن حاشرين يقولون: إنَّ هؤلاء ـ أي: موسى وقومه ـ لشرذِمَةٌ قليلون. وإنَّهم لنا لغائظونَ. وإنا لجميعٌ حاذرونَ. فجمع جنودَه قاصيهم ودانيهم، فأتبعهم بجنوده بغياً وعدواً؛ أي: خروجهم باغين على موسى وقومه ومعتدين في الأرض، وإذا اشتدَّ البغي واستحكم الذنبُ؛ فانتظِر العقوبةَ. {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر}: وذلك أنَّ الله أوحى إلى موسى لما وصل البحر أن يضرِبَه بعصاه، فضربه، فانفلق اثني عشر طريقاً، وسلكه بنو إسرائيل، وساق فرعون وجنودهم خلفهم داخلين، فلما استكمل موسى وقومُه خارجين من البحر وفرعونُ وجنودُه داخلين فيه؛ أمر الله البحر، فالتطم على فرعون وجنوده، فأغرقَهم وبنو إسرائيل ينظُرون، حتى إذا أدرك فرعونَ الغرقُ وجزم بهلاكه؛ {قال آمنتُ أنَّه لا إله إلاَّ الذي آمنتْ به بنو إسرائيلَ}: وهو الله الإله الحقُّ الذي لا إله إلا هو، {وأنا من المسلمينَ}؛ أي: المنقادين لدين الله، ولما جاء به موسى.