يخبر تعالى عن جهل المشركين وشدة ضلالهم أنهم {يَثْنون صدورَهم}؛ أي: يميلونها ليستخفوا من الله، فتقع صدورهم حاجبةً لعلم الله بأحوالهم وبصره لهيئاتهم. قال تعالى مبيناً خطأهم في هذا الظنِّ: {ألا حين يَسْتَغْشون ثيابهم}؛ أي: يتغطون بها، يعلمهم في تلك الحال التي هي من أخفى الأشياء، بل {يعلم ما يُسِرُّون}: من الأقوال والأفعال، {وما يُعْلِنون}: منها، بل ما هو أبلغُ من ذلك، وهو: {إنه عليمٌ بذات الصدور}؛ أي: بما فيها من الإرادات والوساوس والأفكار التي لم ينطقوا بها سرًّا ولا جهراً؛ فكيف تخفى عليه حالكم إذا ثنيتم صدوركم لتستخفوا منه؟! ويُحتمل أنَّ المعنى في هذا: أن الله يذكر إعراض المكذِّبين للرسول، الغافلين عن دعوته، أنَّهم من شدَّة إعراضهم يَثْنون صدورهم؛ أي: يَحْدَوْدِبون حين يرون الرسول؛ لئلاَّ يراهم ويُسْمِعَهم دعوته ويعظَهم بما ينفعهم؛ فهل فوق هذا الإعراض شيء؟! ثم توعَّدهم بعلمه تعالى بجميع أحوالهم وأنهم لا يخفون عليه، وسيجازيهم بصنيعهم.