أي: {و} أرسلنا {إلى ثمودَ}: وهم عادٌ الثانية، المعروفون، الذين يسكنون الحِجْر ووادي القُرى، {أخاهم}: في النسب، {صالحاً}: عبد الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، يدعوهم إلى عبادة الله وحده. فَـ {قَالَ يا قومِ اعبُدوا الله}؛ أي: وحِّدوه وأخلصوا له الدين، {ما لكُم من إلهٍ غيرُه}: لا من أهل السماء ولا من أهل الأرض، {هو أنشأكم من الأرض}؛ أي: خلقكم فيها، فقال: {واستعمَرَكم فيها}؛ أي: استخلفكم فيها وأنعم عليكم بالنِّعم الظاهرة والباطنة، ومكَّنكم في الأرض؛ تَبْنون وتغرسون وتزرعون وتحرثون ما شئتم وتنتفعون بمنافعها وتستغلون مصالحها؛ فكما أنَّه لا شريك له في جميع ذلك؛ فلا تشركوا به في عبادته. {فاستغفروه}: مما صَدَرَ منكم من الكفر والشِّرْك والمعاصي وأقلعوا عنها، {ثمَّ توبوا إليه}؛ أي: ارجِعوا إليه بالتوبة النصوح والإنابة. {إنَّ ربِّي قريبٌ مجيبٌ}؛ أي: قريبٌ ممَّن دعاه دعاء مسألة أو دعاء عبادة يجيبه بإعطائِهِ سؤاله وقَبول عبادتِهِ وإثابته عليها أجلَّ الثواب. واعلم أنَّ قُرْبَهُ تعالى نوعان: عامٌّ وخاصٌّ: فالقربُ العامُّ: قربُه بعلمه من جميع الخلق، وهو المذكور في قوله تعالى: {ونحنُ أقربُ إليه من حبل الوريدِ}. والقربُ الخاصُّ: قربُه من عابديه وسائليه ومحبِّيه، وهو المذكورُ في قوله تعالى: {فاسجُدْ واقْتَرِبْ}، وفي هذه الآية، وفي قوله: {وإذا سألك عبادي عنِّي فإنِّي قريبٌ أجيبُ دعوةَ الدَّاعي}، وهذا النوع قربٌ يقتضي إلطافه تعالى وإجابته لدعواتهم وتحقيقه لمراداتهم، ولهذا يقرن باسمه القريب اسمه المجيب.