{قال} لهم شعيبٌ: {يا قوم أرأيتُم إن كنتُ على بيِّنةٍ من ربِّي}؛ أي: يقين وطمأنينة في صحَّة ما جئت به، {ورَزَقَني منه رزقاً حسناً}؛ أي: أعطاني الله من أصناف المال ما أعطاني، {و} أنا لا {أريدُ أن أخالِفَكم إلى ما أنهاكم عنه}: فلستُ أريدُ أنْ أنهاكم عن البَخْس في المكيال والميزان وأفعله أنا حتى تتطرق إليَّ التُّهمة في ذلك، بل ما أنهاكم عن أمر إلا وأنا أول مبتدرٍ لتركِهِ. {إن أريدُ إلاَّ الإصلاح ما استطعتُ}؛ أي: ليس لي من المقاصد إلاَّ أن تَصْلُحَ أحوالكم وتستقيم منافعكم، وليس لي من المقاصد الخاصَّة لي وحدي شيءٌ بحسب استطاعتي. ولما كان هذا فيه نوعُ تزكيةٍ للنفس؛ دَفَعَ هذا بقوله: {وما توفيقي إلاَّ بالله}؛ أي: وما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير و الانفكاك عن الشرِّ إلاَّ بالله تعالى، لا بحولي ولا بقوَّتي. {عليه توكلتُ}؛ أي: اعتمدتُ في أموري ووثقتُ في كفايته. {وإليه أنيبُ}: في أداء ما أمرني به من أنواع العبادات، وفي هذا التقرُّب إليه بسائر أفعال الخيرات، وبهذين الأمرين تستقيمُ أحوال العبد، وهما الاستعانةُ بربِّه والإنابة إليه؛ كما قال تعالى: {فاعبُدْه وتوكَّلْ عليه}. وقال: {إيَّاك نعبدُ وإيَّاك نستعينُ}.