قال تعالى: {وكذلك}؛ أي: بهذه الأسباب والمقدّمات المذكورة، {مَكَّنَّا ليوسفَ في الأرض يتبوَّأ منها حيثُ يشاء}: في عيش رغدٍ ونعمة واسعةٍ وجاه عريض، {نصيبُ برحمتنا مَن نشاءُ}؛ أي: هذا من رحمة الله بيوسف التي أصابه بها وقدَّرها له، وليست مقصورةً على نعمة الدنيا. فإن الله لا يضيعُ أجر المحسنينَ، ويوسف عليه السلام من سادات المحسنين؛ فله في الدُّنيا حسنةٌ وفي الآخرة حسنةٌ، ولهذا قال: {ولأجرُ الآخرة خيرٌ} ـ من أجر الدُّنيا ـ {للذين آمنوا وكانوا يتَّقونَ}؛ أي: لمن جمع بين التقوى والإيمان؛ فبالتَّقوى تُتْرَكُ الأمور المحرمة من كبائر الذنوب وصغائرها، وبالإيمان التامِّ يحصُلُ تصديق القلب بما أمر الله بالتصديق به وتتبعُهُ أعمال القلوب وأعمال الجوارح من الواجبات والمستحبَّات.