ومع هذا؛ فلا ينبغي أن يتمادى بهم الرجاءُ إلى حال الأمن والإدلال؛ فنبئهم {أنَّ عذابي هو العذابُ الأليمُ}؛ أي: لا عذاب في الحقيقة إلاَّ عذابُ الله الذي لا يقادَرُ قَدْره ولا يُبْلَغ كُنْهه، نعوذ به من عذابه؛ فإنهم إذا عرفوا أن لا يعذِّبَ عذابَه أحدٌ ولا يوثِقُ وَثاقَهُ أحدٌ؛ حذروا وأبعدوا عن كلِّ سبب يوجب لهم العقاب. فالعبد ينبغي أن يكون قلبه دائماً بين الخوف والرجاء والرغبة والرهبة؛ فإذا نظر إلى رحمة ربِّه ومغفرته وجوده وإحسانه؛ أحدث له ذلك الرجاءَ والرغبةَ، وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربِّه؛ أحدث له الخوفَ والرهبة والإقلاع عنها.