وهذه القرية هي مكَّة المشرَّفة التي كانت آمنةً مطمئنةً لا يُهاج فيها أحدٌ، وتحترِمها الجاهليَّةُ الجَهْلاءُ، حتى إنَّ أحدهم يجد قاتلَ أبيه وأخيه فلا يَهيجُهُ مع شدَّة الحميَّة فيهم والنعرة العربيَّة، فحصل لها من الأمن التامِّ ما لم يحصلْ لسواها، وكذلك الرزق الواسع، كانت بلدة ليس فيها زرعٌ ولا شجرٌ، ولكنْ يسَّرَ الله لها الرزقَ يأتيها من كلِّ مكان، فجاءهم رسولٌ منهم يعرِفون أمانته وصدقَه؛ يدعُوهم إلى أكمل الأمور، وينهاهم عن الأمور السيِّئة، فكذَّبوه وكفروا بنعمة الله عليهم، فأذاقهم الله ضدَّ ما كانوا فيه، وألبسهم {لباس الجوع} الذي هو ضدُّ الرَّغَدِ، {والخوفِ} الذي هو ضدُّ الأمن، وذلك بسبب صنيعهم وكفرِهم وعدم شُكْرِهم، وما ظَلَمَهُمُ الله ولكنْ كانوا أنفسَهم يظلمِونَ.