أي: سخَّر لكم هذه الأشياء لمنافعكم وأنواع مصالحكم؛ بحيث لا تستغنون عنها أبداً؛ فبالليل تسكنون وتنامون وتستريحون، وبالنهار تنتشرون في معايِشِكم ومنافع دينكم ودنياكم، وبالشمس و
القمر من الضياء والنور والإشراق وإصلاح الأشجار والثمار والنبات وتجفيف الرطوبات وإزالة البرودة الضارَّة للأرض وللأبدان وغير ذلك من الضروريَّات والحاجيات التابعة لوجود الشمس و
القمر، وفيهما وفي النُّجوم من الزينة للسماء والهداية في ظلمات البرِّ والبحر ومعرفة الأوقات وحساب الأزمنة ما تتنوَّع دلالاتها وتتصرَّف آياتها، ولهذا جمعها في قوله:
{إنَّ في ذلك لآياتٍ لقوم يعقلونَ}؛ أي: لمن لهم عقولٌ يستعملونها في التدبُّر والتفكُّر فيما هي مهيئة له مستعدَّة، تعقِل ما تراه وتسمعُه، لا كنظر الغافلين الذين حظُّهم من النظر حظُّ البهائم التي لا عقل لها.