أي: ليكن دعاؤك للخلق مسلمهم وكافرهم إلى سبيل ربِّك المستقيم المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح،
{بالحكمة}؛ أي: كل أحدٍ على حسب حاله وفَهْمه وقَبوله وانقياده، ومن الحكمة الدعوةُ بالعلم لا بالجهل، والبدأة بالأهمِّ فالأهمِّ، وبالأقربِ إلى الأذهان والفهم، وبما يكون قَبوله أتمَّ، وبالرفق واللين؛ فإنِ انقاد بالحكمة، وإلاَّ؛ فينتقل معه بالدعوة بالموعظة الحسنة، وهو الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب: إما بما تشتمل عليه الأوامر من المصالح وتعدادها والنواهي من المضار وتعدادها، وإما بذكر إكرام من قامَ بدين الله وإهانةِ من لم يقُم به، وإما بذكر ما أعدَّ الله للطائعين من الثواب العاجل والآجل وما أعدَّ للعاصين من العقاب العاجل والآجل؛ فإن كان المدعوُّ يرى أن ما
[هو] عليه حقٌّ، أو كان داعيةً إلى الباطل؛ فيجادَلُ بالتي هي أحسن، وهي الطُّرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلاً ونقلاً، ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلَّة التي كان يعتقدها؛ فإنَّه أقرب إلى حصول المقصود وأن لا تؤدِّي
المجادلة إلى خصام أو مشاتمةٍ تذهب بمقصودها ولا تحصُل الفائدة منها، بل يكون القصدُ منها هداية الخلق إلى الحقِّ لا المغالبة ونحوها. وقوله:
{إنَّ ربَّك هو أعلم بمن ضلَّ عن سبيله}؛ علم السبب الذي أدَّاه إلى الضلال، وعلم أعماله المترتِّبة على ضلالته، وسيجازيه عليها.
{وهو أعلم بالمهتدين}: علم أنَّهم يَصْلُحون للهداية فهداهم، ثم منَّ عليهم فاجتباهم.