ولما نزَّه نفسَه عما وَصَفَهُ به أعداؤه؛ ذَكَرَ الوحي الذي ينزِّله على أنبيائه مما يجب اتباعه في ذكر ما يُنسب لله من صفات الكمال، فقال: {ينزِّلُ الملائكة بالرُّوح من أمره}؛ أي: بالوحي الذي به حياة الأرواح، {على مَن يشاءُ من عبادِهِ}: ممَّن يعلمه صالحاً لتحمُّل رسالته. وزبدة دعوة الرسل كلِّهم ومدارها على قوله: {أنْ أنذروا أنَّه لا إله إلاَّ أنا} ؛ أي: على معرفة الله تعالى، وتوحُّده في صفات العظمة، التي هي صفات الألوهيَّة، وعبادته وحده لا شريك له؛ فهي التي أنزل بها كتبه، وأرسل رسله، وجعل الشرائع كلها تدعو إليها، وتحثُّ، وتجاهد مَنْ حاربها، وقام بضدِّها.