هذا تخويفٌ من الله تعالى لأهل الكفر والتكذيب وأنواع المعاصي من أن يأخذَهم بالعذاب على غِرَّة وهم لا يشعرون: إمَّا أن يأخُذَهم العذاب من فوقهم، أو من أسفل منهم بالخَسْفِ وغيره، وإما في حال تقلُّبهم وشغلهم وعدم خطور العذاب ببالهم، وإما في حال تخوُّفهم من العذاب؛ فليسوا بمعجزِين الله في حالة من هذه الأحوال، بل هم تحت قبضته، ونواصيهم بيده، ولكنه رءوف رحيم، لا يعاجل العاصين بالعقوبة، بل يمهلهم ويعافيهم ويرزقهم، وهم يؤذونه ويؤذون أولياءه، ومع هذا يَفْتَحُ لهم أبواب التوبة، ويدعوهم إلى الإقلاع عن السيئات التي تضرُّهم، ويَعِدُهم بذلك أفضلَ الكرامات ومغفرةَ ما صدر منهم من الذنوب؛ فليستحِ المجرمُ من ربِّه أن تكون نعمُ اللهِ عليه نازلةً في جميع [اللحظات] ومعاصيه صاعدة إلى ربِّه في كلِّ الأوقات، وليعلم أنَّ الله يمهلُ ولا يهملُ، وأنه إذا أخذ العاصي؛ أخذه أَخْذَ عزيزٍ مقتدرٍ؛ فليتبْ إليه، وليرجعْ في جميع أموره إليه؛ فإنَّه رءوف رحيم؛ فالبدارَ البدارَ إلى رحمته الواسعة، وبرِّه العميم، وسلوك الطرق الموصلة إلى فضل الربِّ الرحيم، ألا وهي تقواه، والعمل بما يحبُّه ويرضاه.