ولهذا أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهؤلاء المنكرين للبعث استبعاداً: {قُلْ كونوا حجارة أو حديداً. أو خلقاً مما يكبر}؛ أي: يعظُم {في صدورِكم}: لتسلموا بذلك ـ على زعمكم ـ من أن تنالكم قدرة الله أو تنفذَ فيكم مشيئتُه؛ فإنكم غير معجزين الله في أيِّ حالة تكونون وعلى أيِّ وصفٍ تتحوَّلون، وليس لكم في أنفسكم تدبيرٌ في حالة الحياة وبعد الممات؛ فدعوا التدبير والتصريف لِمَنْ هو على كلِّ شيء قدير وبكلِّ شيء محيط. {فسيقولون}: حين تُقيم عليهم الحجَّة في البعث: {من يعيدنا قل الذي فَطَرَكم أول مرة}: فكما فطركم ولم تكونوا شيئاً مذكوراً؛ فإنَّه سيعيدكم خلقاً جديداً؛ {كما بَدَأنا أوَّلَ خلقٍ نعيدُه}، {فسيُنْغِضونَ إليك رؤوسهم}؛ أي: يهزُّونها إنكاراً وتعجُّباً مما قلت. {ويقولون متى هو}؛ أي: متى وقتُ البعث الذي تزعمه على قولك؟ لا إقراراً منهم لأصل البعث، بل ذلك سفهٌ منهم وتعجيزٌ. {قل عسى أن يكونَ قريباً}: فليس في تعيين وقتِهِ فائدةٌ، وإنَّما الفائدة والمدار على تقريره والإقرار به وإثباته، وإلاَّ؛ فكلُّ ما هو آتٍ؛ فإنَّه قريب.