ثم أخبر أيضاً أنَّ الذين يعبُدونهم من دون الله في شغل شاغل عنهم باهتمامهم بالافتقار إلى الله وابتغاء الوسيلة إليه؛ فقال: {أولئك الذين يَدْعونَ}: من الأنبياء والصالحين والملائكة، {يَبْتَغون إلى ربِّهم الوسيلةَ أيُّهم أقربُ}؛ أي: يتنافسون في القرب من ربِّهم، ويبذُلون ما يقدرون عليه من الأعمال الصالحة المقرِّبة إلى الله تعالى وإلى رحمتِه، {ويخافون عذابَه}: فيجتنبون كلَّ ما يوصِلُ إلى العذاب. {إنَّ عذاب ربِّك كان محذوراً}؛ أي: هو الذي ينبغي شدَّة الحذر منه والتوقِّي من أسبابه. وهذه الأمور الثلاثةُ الخوف والرجاء والمحبَّة التي وَصَفَ الله بها هؤلاء المقرَّبين عنده هي الأصل والمادَّة في كلِّ خير؛ فمن تَمَّتْ له؛ تَمَّتْ له أموره، وإذا خلا القلبُ منها؛ ترحَّلت عنه الخيرات، وأحاطت به الشرور. وعلامة المحبَّة ما ذَكَرَهُ الله أن يجتهد العبدُ في كلِّ عَمَلٍ يقرِّبُه إلى الله، وينافس في قربه بإخلاص الأعمال كلِّها لله، والنُّصح فيها وإيقاعها في أكمل الوجوه المقدور عليها؛ فمن زعم أنه يحبُّ الله بغير ذلك؛ فهو كاذب.