وهذا من كرمِهِ عليهم وإحسانه الذي لا يقادَرُ قَدْرُهُ؛ حيث كرَّم بني آدم بجميع وجوه الإكرام، فكرَّمهم بالعلم والعقل وإرسال الرسل وإنزال الكتب، وجعل منهم الأولياءَ والأصفياء، وأنعم عليهم بالنِّعم الظاهرة والباطنة، {وحَمَلْناهم في البرِّ}: على الركاب من الإبل والبغال والحمير والمراكب البريَّة. وفي {البحر}: في السفن والمراكب، {ورَزَقْناهم من الطيبات}: من المآكل والمشاربِ والملابس والمناكح؛ فما من طيب تتعلَّق به حوائجهم إلاَّ وقد أكرمهم الله به ويسَّره لهم غاية التيسيرِ، {وفضَّلْناهم على كثيرٍ ممَّن خَلَقْنا تفضيلاً}: بما خصَّهم به من المناقب وفضَّلهم به من الفضائل التي ليست لغيرهم من أنواع المخلوقات، أفلا يقومون بشكر مَنْ أولى النعم ودَفَعَ النِّقم ولا تحجبهم النِّعم عن المنعم فيشتغلوا بها عن عبادة ربِّهم، بل ربَّما استعانوا بها على معاصيه؟!