يذكر تعالى منَّته على رسوله محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وحفظه له من أعدائه الحريصين على فتنته بكل طريق، فقال: {وإن كادوا لَيَفْتِنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتريَ علينا}؛ أي: قد كادوا لك أمراً لم يُدْرِكوه، وتحيَّلوا لك على أن تفتري على الله غير الذي أنزلنا إليك، فتجيء بما يوافقُ أهواءهم، وتدعُ ما أنزل الله إليك. {وإذاً}: لو فعلت ما يهوون؛ {لاتَّخذوك خليلاً}؛ أي: حبيباً صفيًّا أعزَّ عليهم من أحبابهم لما جَبَلَكَ الله عليه من مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب المحبَّبة للقريب والبعيد والصديق والعدوِّ، ولكن لتعلم أنَّهم لم يعادوك وينابذوك العداوة إلاَّ للحقِّ الذي جئتَ به لا لِذَاتك؛ كما قال تعالى: {قد نعلمُ إنَّه لَيَحْزُنُك الذي يقولون فإنَّهم لا يكذِّبونَكَ ولكنَّ الظالمين بآيات الله يجحدونَ}.