أي: قال بعضهم لبعض: إذ حَصَلَ لكم اعتزالُ قومكم في أجسامكم وأديانكم؛ فلم يَبْقَ إلاَّ النجاء من شرِّهم والتسبُّب بالأسباب المفضية لذلك؛ لأنَّه لا سبيل لهم إلى قتالهم ولا بقائهم بين أظهرهم وهم على غير دينهم.
{فأوُوا إلى الكهفِ}؛ أي: انضمُّوا إليه واختفوا فيه،
{يَنْشُرْ لكم ربُّكم من رحمتِهِ ويهيِّئْ لكم من أمرِكُم مِرْفَقاً}: وفيما تقدَّم أخبر أنهم دَعَوْه بقولهم:
{ربَّنا آتنا من لَدُنْكَ رحمةً وهَيِّئ لنا من أمرنا رَشَداً}؛ فجمعوا بين التبرِّي من حولهم وقوَّتهم والالتجاء إلى الله في صلاح أمرهم ودعائه بذلك، وبين الثقة بالله أنه سيفعل ذلك، لا جَرَمَ أنَّ الله نَشَرَ لهم من رحمتِهِ وهيَّأ لهم من أمرهم مِرْفَقاً؛ فحفظ أديانهم وأبدانهم، وجعلهم من آياته على خلقه، ونشر لهم من الثناء الحسن ما هو من رحمته بهم، ويسَّر لهم كلَّ سبب، حتَّى المحلَّ الذي ناموا فيه كان على غايةِ ما يمكنُ من الصيانة؛