{وتحسبهم أيقاظاً وهم رقودٌ}؛ أي: تحسبهم أيها الناظر إليهم كأنَّهم أيقاظٌ، والحالُ أنَّهم نيامٌ. قال المفسرون: وذلك لأنَّ أعينَهم منفتحةٌ لئلاَّ تفسدَ؛ فالناظرُ إليهم يحسبهم أيقاظاً وهم رقودٌ. {ونقلِّبُهم ذات اليمين وذات الشمال}: وهذا أيضاً من حفظه لأبدانهم؛ لأنَّ الأرض من طبيعتها أكلُ الأجسام المتَّصلة بها؛ فكان من قَدَرِ الله أن قلَّبهم على جنوبِهِم يميناً وشمالاً بقدر ما لا تُفْسِدُ الأرض أجسامهم، والله تعالى قادرٌ على حفظهم من الأرض من غير تقليبٍ، ولكنَّه تعالى حكيمٌ، أراد أن تجرِيَ سنَّته في الكون ويربُطَ الأسباب بمسبّباتها. {وكلبُهُم باسطٌ ذراعية بالوصيد}؛ أي: الكلب الذي كان مع أصحابِ الكهف أصابَهُ ما أصابَهم من النوم وقتَ حراستِهِ، فكان باسطاً ذراعيه بالوصيد؛ أي: الباب أو فنائه. هذا حفظُهم من الأرض، وأما حفظُهم من الآدميين؛ فأخبر أنَّه حماهم بالرُّعب الذي نَشَرَهُ الله عليه؛ فلو اطَّلع عليهم أحدٌ؛ لامتلأ قلبه رعباً وولَّى منهم فراراً، وهذا الذي أوجب أن يبقَوْا كلَّ هذه المدَّة الطويلة وهم لم يعثر عليهم أحدٌ مع قربهم من المدينة جدًّا، والدليل على قربهم أنَّهم لما استيقظوا؛ أرسلوا أحدَهم يشتري لهم طعاماً من المدينة، وبقوا في انتظاره، فدلَّ ذلك على شدَّة قربهم منها.