ولما كان العبد بشراً لا بدَّ أن يسهو عن ذكر المشيئة ؛ أمَرَه الله أن يستثني بعد ذلك إذا ذَكَرَ؛ ليحصُلَ المطلوب ويندفِعَ المحذورُ. ويؤخَذُ من عموم قوله: {واذكُرْ رَبَّك إذا نسيتَ}: الأمرُ بذِكْر الله عند النسيان؛ فإنَّه يزيله ويذكِّر العبدَ ما سها عنه. وكذلك يؤمَرُ الساهي الناسي لذِكْرِ الله أن يَذْكُرَ ربَّه ولا يكوننَّ من الغافلين. ولما كان العبدُ مفتقراً إلى الله في توفيقه للإصابة وعدم الخطأ في أقواله وأفعاله؛ أمره الله أن يقول: {عسى أن يَهْدِيَني ربِّي لأقربَ من هذا رَشَداً}: فأمره أن يدعو الله ويرجوه ويَثِقَ به أنْ يَهْدِيَه لأقرب الطرق الموصلة إلى الرشد، وحريٌّ بعبد تكون هذه حاله، ثم يبذل جهده، ويستفرغُ وسعه في طلب الهدى والرشد، أن يُوَفَّق لذلك، وأن تأتِيَه المعونةُ من ربِّه، وأن يسدِّدَه في جميع أموره.