يخبر تعالى عن حال يوم القيامة وما فيه من الأهوال المقلقة والشَّدائد المزعجة، فقال: {ويومَ نُسَيِّرُ الجبالَ}؛ أي: يزيلها عن أماكنها؛ يجعلها كثيباً، ثم يجعلها كالعهن المنفوش، ثم تضمحلُّ وتتلاشى وتكون هباءً منبثًّا، وتبرز الأرض فتصير قاعاً صفصفاً لا عوج فيه ولا أمتاً، ويحشُرُ الله جميع الخَلْق على تلك الأرض؛ فلا يغادِرُ منهم أحداً، بل يجمع الأولين والآخرين من بطون الفلوات وقعور البحار، ويجمعهم بعدما تفرَّقوا، ويعيدهم بعدما تمزَّقوا خلقاً جديداً، فَيُعْرَضونَ عليه صفًّا ليستعرِضَهم وينظرَ في أعمالهم ويحكم فيهم بحكمه العدل الذي لا جَوْر فيه ولا ظُلْم، ويقول لهم: {لقد جِئْتُمونا كما خَلَقْناكم أولَ مرةٍ}؛ أي: بلا مال ولا أهل ولا عشيرة، ما معهم إلا الأعمال التي عملوها والمكاسب في الخير والشرِّ التي كسبوها؛ كما قال تعالى: {ولقد جِئْتمونا فُرادى كما خَلَقْناكم أولَ مرَّة وتركتُم ما خوَّلْناكم وراءَ ظهورِكُم وما نَرى معكم شفعاءَكم الذين زعمتُم أنَّهم فيكم شركاءُ}، وقال هنا مخاطباً للمنكرين للبعث وقد شاهدوه عياناً: {بل زعمتُم أن لن نجعلَ لكم موعداً}؛ أي: أنكرتُم الجزاء على الأعمال ووعدَ الله ووعيده؛ فها قد رأيتُموه وذقتموه.