{وينذرَ الذين قالوا اتَّخذ اللهُ ولداً}: من اليهود والنَّصارى والمشركين، الذين قالوا هذه المقالة الشنيعة؛ فإنَّهم لم يقولوها عن علم ولا يقين؛ لا علم منهم ولا علم من آبائهم الذين قلَّدوهم واتَّبعوهم، بل إن يتَّبعون إلاَّ الظنَّ وما تَهْوى الأنفُسُ. {كَبُرَتْ كلمةً تخرُجُ من أفواههم}؛ أي: عَظُمت شناعتُها واشتدَّت عقوبتُها، وأيُّ شناعة أعظم من وصفه بالاتِّخاذ للولد الذي يقتضي نقصه ومشاركة غيره له في خصائص الربوبيَّة والإلهيَّة والكذب عليه؟! {فمن أظلمُ ممَّن افترى على الله كذباً}؟! ولهذا قال هنا: {إن يقولون إلاَّ كَذِباً}؛ أي: كذباً محضاً ما فيه من الصدق شيء. وتأمَّل كيف أبطل هذا القول بالتدريج والانتقال من شيء إلى أبطل منه: فأخبر أولاً أنه {ما لهم به مِن علم ولا لآبائهم}: والقول على الله بلا علم لا شكَّ في منعه وبطلانه. ثم أخبر ثانياً أنَّه قولٌ قبيحٌ شنيعٌ، فقال: {كَبُرَتْ كلمةً تخرج من أفواههم}. ثم ذكر ثالثاً مرتبته من القُبح، وهو الكذب المنافي للصدق.