وهذا الاستفهام بمعنى النفي والنهي؛ أي: لا تظنَّ أنَّ قصَّة أصحاب
الكهف وما جرى لهم غريبةٌ على آيات الله وبديعةٌ في حكمته، وأنَّه لا نظير لها ولا مجانس لها، بل لله تعالى من الآيات العجيبة الغريبة ما هو كثيرٌ من جنس آياتِهِ في أصحاب
الكهف وأعظم منها، فلم يزل الله يُري عباده من الآيات في الآفاق وفي أنفسهم ما يتبيَّن به الحقُّ من الباطل والهدى من الضلال. وليس المراد بهذا النفي عن أن تكون قصَّة أصحاب
الكهف من العجائب، بل هي من آيات الله العجيبة، وإنَّما المرادُ أن جنسها كثيرٌ جدًّا؛ فالوقوف معها وحدها في مقام العَجَبِ والاستغراب نقصٌ في العلم والعقل، بل وظيفةُ المؤمن التفكُّر بجميع آيات الله التي دعا الله العبادَ إلى التفكُّر فيها؛ فإنَّها مفتاحُ الإيمان وطريقُ العلم والإيقان. وإضافتهم إلى
الكهف الذي هو الغارُ في الجبل،
{والرقيم}؛ أي: الكتاب الذي قد رُقِمَتْ فيه أسماؤهم وقصَّتُهم لملازمتهم له دهراً طويلاً.