فلم يكن ذو القرنين ذا طمع ولا رغبةٍ في الدُّنيا ولا تاركاً لإصلاح أحوال الرعيَّة، بل قصدُهُ الإصلاح؛ فلذلك أجاب طلبتهم؛ لما فيها من المصلحة، ولم يأخذ منهم أجرةً، وشَكَرَ ربَّه على تمكينه واقتداره، فقال لهم: {ما مَكَّنِّي فيه ربِّي خيرٌ}؛ أي: مما تبذلون لي وتعطوني، وإنَّما أطلب منكم أن تعينوني بقوَّةٍ منكم بأيديكم؛ {أجْعَلْ بينَكم وبينهم رَدْماً}؛ أي: مانعاً من عبورهم عليكم.