{قال ربِّ اجعل لي آيةً}؛ أي: يطمئنُّ بها قلبي، وليس هذا شكًّا في خبر الله، وإنَّما هو كما قال الخليل عليه السلام: {ربِّ أرني كيفَ تُحيي الموتى قال أوَلَم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنَّ قلبي}: فطلب زيادة العلم والوصول إلى عين اليقين بعد علم اليقين، فأجابه الله إلى طِلْبَتِهِ رحمةً به. {قال آيتُك أن لا تكلِّمَ الناس ثلاثَ ليال سويًّا}، وفي الآية الأخرى: {ثلاثةَ أيام إلاَّ رَمْزاً}، والمعنى واحد؛ لأنَّه تارةً يعبِّر بالليالي، وتارةً بالأيَّام، ومؤدَّاها واحدٌ، وهذا من الآيات العجيبة؛ فإنَّ منعَه من الكلام مدة ثلاثة أيام وعجزَه عنه من غير خرسٍ ولا آفةٍ بل كان سويًّا لا نقصَ فيه من الأدلة على قدرةِ الله الخارقةِ للعوائد، ومع هذا ممنوعٌ من الكلام الذي يتعلَّق بالآدميِّين وخطابهم، وأما التسبيح [والتهليل] والذكر ونحوه فغيرُ ممنوع منه، ولهذا قال في الآية الأخرى: {واذكُر ربَّك كثيراً وسبِّح بالعشيِّ والإبكار}.