{يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك}؛ أي: يا أبت لا تَحْقِرْني وتقول: إنِّي ابنُك، وإنَّ عندك ما ليس عندي، بل قد أعطاني الله من العلم ما لم يُعْطِكَ، والمقصودُ من هذا قوله: {فاتَّبِعْني أهْدِكَ صراطاً سويًّا}؛ أي: مستقيماً معتدلاً، وهو عبادة الله وحدَه لا شريك له، وطاعتُهُ في جميع الأحوال. وفي هذا من لطف الخطاب ولينه ما لا يخفى، فإنَّه لم يقلْ: يا أبتِ أنا عالمٌ وأنت جاهلٌ، أو: ليس عندكَ من العلم شيءٌ، وإنَّما أتى بصيغة [تقتضي] أنَّ عندي وعندك علماً،، وأنَّ الذي وصل إليَّ لم يصِلْ إليكَ ولم يأتِكَ؛ فينبغي لك أن تَتَّبِعَ الحجة وتنقاد لها.