{وإنِّي خفتُ المواليَ من ورائي}؛ أي: وإني خفتُ من يتولَّى على بني إسرائيل من بعد موتي أن لا يقوموا بدينك حقَّ القيام، ولا يدعوا عبادك إليك. وظاهر هذا أنَّه لم يَرَ فيهم أحداً فيه لياقةٌ للإمامة في الدين، وهذا فيه شفقةُ زكريَّا عليه السلام ونصحُه وأنَّ طلبه للولد ليس كطلب غيره؛ قصدُهُ مجردُ المصلحة الدنيويَّة، وإنَّما قصدُه مصلحة الدين والخوف من ضياعه، ورأى غيرَه غيرَ صالح لذلك، وكان بيتُه من البيوت المشهورة في الدِّين ومعدن الرسالة ومظنَّة للخير، فدعا الله أن يرزقَه ولداً يقوم بالدين من بعدِهِ، واشتكى أنَّ امرأته عاقر؛ أي: ليست تلدُ أصلاً، وأنَّه قد بلغ من الكبر عتيًّا؛ أي: عمراً يندُرُ معه وجود الشهوة والولد. {فهب لي من لَدُنكَ وليًّا}.