وهذا من عقوبة الكافرين: أنَّهم لمَّا لم يعتصِموا بالله ولم يتمسَّكوا بحبل الّله، بل أشركوا به ووالوا أعداءه من الشياطين؛ سلَّطهم عليهم وقيَّضهم، فجعلت الشياطينُ تؤزُّهم إلى المعاصي أزًّا، وتزعِجُهم إلى الكفر إزعاجاً، فيوسوسون لهم، ويوحون إليهم، ويزيِّنون لهم الباطل، ويقبِّحون لهم الحقَّ، فيدخل حبُّ الباطل في قلوبهم ويتشرَّبها، فيسعى فيه سعي المحقِّ في حقِّه، فينصره بجهده، ويحارب عنه، ويجاهد أهل الحق في سبيل الباطل، وهذا كلُّه جزاءً له على تولِّيه من وليِّه وتولِّيه لعدوِّه؛ جَعَلَ له عليه سلطاناً، وإلاَّ؛ فلو آمن بالله وتوكَّل عليه؛ لم يكنْ له عليه سلطانٌ؛ كما قال تعالى: {إنَّه ليس له سلطانٌ على الذين آمنوا وعلى ربِّهم يتوكَّلون. إنَّما سلطانُهُ على الذين يَتَوَلَّوْنَه والذين هم به مشركونَ}.