{ألا إنهم هم المفسدون} فإنه لا أعظم إفساداً ممن كفر بآيات الله، وصد عن سبيل الله، وخادع الله وأولياءه، ووالى المحاربين لله ورسوله، وزعم مع هذا أن هذا إصلاح، فهل بعد هذا الفساد فساد؟! ولكن لا يعلمون علماً ينفعهم وإن كانوا قد علموا بذلك علماً تقوم به عليهم حجة الله، وإنما كان العمل [بالمعاصي] في الأرض إفساداً؛ لأنه سبب لفساد ما على وجه الأرض من الحبوب والثمار والأشجار والنبات لما يحصل فيها من الآفات التي سببها المعاصي، ولأن الإصلاح في الأرض أن تُعمَر بطاعة الله والإيمان به، لهذا خلق الله الخلق وأسكنهم [في] الأرض وأدرَّ عليهم الأرزاق؛ ليستعينوا بها على طاعته وعبادته، فإذا عُمِل فيها بضده كان سعياً فيها بالفساد وإخراباً لها عمَّا خُلِقت له.