هذا أمر للمؤمنين خاصة بعد الأمر العام، وذلك أنهم هم المنتفعون على الحقيقة بالأوامر والنواهي بسبب إيمانهم، فأمرهم بأكل الطيبات من الرزق والشكر لله على إنعامه باستعمالها بطاعته والتقوي بها على ما يوصل إليه، فأمرهم بما أمر به المرسلين في قوله: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً}؛ فالشكر في هذه الآية هو العمل الصالح، وهنا لم يقل حلالاً لأن المؤمن أباح الله له الطيبات من الرزق خالصة من التبعة، ولأن إيمانه يحجزه عن تناول ما ليس له. وقوله: {إن كنتم إياه تعبدون}؛ أي: فاشكروه فدل على أن من لم يشكر الله لم يعبده وحده، كما أن من شكره فقد عبده وأتى بما أمر به، ويدل أيضاً على أن أكل الطيب سبب للعمل الصالح وقبوله. والأمر بالشكر عقيب النعم، لأن الشكر يحفظ النعم الموجودة، ويجلب النعم المفقودة، كما أن الكفر ينفر النعم المفقودة، ويزيل النعم الموجودة.