المقصود من اليمين والقسم تعظيم المُقْسَمِ به وتأكيد المُقْسَم عليه. وكان الله تعالى قد أمر بحفظ الأيمان وكان مقتضى ذلك حفظها في كل شيء، ولكن الله تعالى استثنى من ذلك إذا كان البر باليمين يتضمن ترك ما هو أحب إليه فنهى عباده أن يجعلوا أيمانهم عرضة أي مانعة وحائلة عن أن يبروا أي يفعلوا خيراً ويتقوا شرًّا ويصلحوا بين الناس، فمن حلف على ترك واجب وجب حِنْثه وحرم إقامته على يمينه، ومن حلف على ترك مستحب استحب له الحِنْثُ، ومن حلف على فعل محرَّم وجب الحِنْثُ، أو على فعل مكروه استحب الحِنْث. وأما المباح فينبغي فيه حفظ اليمين عن الحِنْث. ويستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة أنه إذا تزاحمت المصالح قدم أهمها، فهنا تتميم اليمين مصلحة، وامتثال أوامر الله في هذه الأشياء مصلحة أكبر من ذلك، فقدمت لذلك. ثم ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين فقال: {والله سميع}؛ أي: لجميع الأصوات، {عليم}؛ بالمقاصد والنيات، ومنه سماعه لأقوال الحالفين وعلمه بمقاصدهم هل هي خير أم شرٌّ، وفي ضمن ذلك التحذير من مجازاته، وأن أعمالكم ونياتكم قد استقر علمها عنده. ثم قال تعالى: