أي: ألم تسمع بهذه القصة العجيبة الجارية على من قبلكم من بني إسرائيل حيث حل الوباء بديارهم فخرجوا بهذه الكثرة فراراً من الموت فلم ينجِهِمُ الفرارُ ولا أغنى عنهم من وقوع ما كانوا يحذرون، فعاملهم بنقيض مقصودهم وأماتهم الله عن آخرهم، ثم تفضل عليهم فأحياهم إما بدعوة نبي كما قاله كثير من المفسرين وإما بغير ذلك، ولكن ذلك بفضله وإحسانه وهو لا يزال فضله على الناس وذلك موجب لشكرهم لنعم الله بالاعتراف بها وصرفها في مرضاة الله ومع ذلك فأكثر الناس قد قصروا بواجب الشكر. وفي هذه القصة عبرة بأنه على كل شيء قدير وذلك آية محسوسة على البعث؛ فإن هذه القصة معروفة منقولة نقلاً متواتراً عند بني إسرائيل ومن اتصل بهم، ولهذا أتى بها تعالى بأسلوب الأمر الذي قد تقرر عند المخاطبين، ويحتمل أن هؤلاء الذين خرجوا من ديارهم خوفاً من الأعداء وجبناً عن لقائهم، ويؤيد هذا أن الله ذكر بعدها الأمر بالقتال وأخبر عن بني إسرائيل أنهم كانوا مخرجين من ديارهم وأبنائهم، وعلى الاحتمالين فإن فيها ترغيباً في الجهاد وترهيباً من التقاعد عنه وأن ذلك لا يغني عن الموت شيئاً {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}.