جمع الله بين الأمر بالقتال في سبيله بالمال والبدن؛ لأن الجهاد لا يقوم إلا بالأمرين، وحث على
الإخلاص فيه بأن يقاتل العبد لتكون كلمة الله هي العليا فإن الله
{سميع}؛ للأقوال وإن خفيت
{عليم}؛ بما تحتوي عليه القلوب من النيات الصالحة وضدها. وأيضاً فإنه إذا علم المجاهد في سبيله أن الله سميع عليم، هان عليه ذلك وعلم أنه بعينه ما يتحمل المتحملون من أجله وأنه لا بد أن يمدهم بعونه ولطفه. وتأمل هذا الحث اللطيف على النفقة وإن المنفق قد أقرض الله الملي الكريم ووعده المضاعفة الكثيرة كما قال تعالى:
{مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم}؛ ولما كان المانع الأكبر من الإنفاق خوفَ الإملاقِ أخبر تعالى أنَّ الغنى والفقرَ بيد الله، وأنه يقبض الرزق على من يشاء ويبسطه على من يشاء، فلا يتأخر من يريد الإنفاق خوفَ الفقر، ولا يظن أنه ضائع، بل مرجع العباد كلهم إلى الله فيجد المنفقون والعاملون أجرهم عنده مدخراً أحوج ما يكونون إليه، ويكون له من الوقع العظيم ما لا يمكن التعبير عنه. والمراد بالقرض الحسن هو ما جمع أوصاف الحسن من النية الصالحة وسماحة النفس بالنفقة ووقوعها في محلها وأن لا يتبعها المنفِقُ مَنًّا ولا أذىً ولا مبطلاً ومنقصاً.