يقص الله تعالى هذه القصة على الأمة ليعتبروا وليرغبوا في الجهاد ولا ينكلوا عنه، فإن الصابرين صارت لهم العواقب الحميدة في الدنيا والآخرة والناكلين خسروا الأمرين، فأخبر تعالى أن أهل الرأي من بني إسرائيل وأصحاب الكلمة النافذة تراودوا في شأن الجهاد واتفقوا على أن يطلبوا من نبيهم أن يعين لهم ملكاً لينقطع النزاع بتعيينه وتحصلَ الطاعة التامة ولا يبقى لقائل مقال، وأن نبيهم خشي أن طلبهم هذا مجردُ كلام لا فعل معه، فأجابوا نبيهم بالعزم الجازم وأنهم التزموا ذلك التزاماً تامًّا، وأن القتال متعين عليهم حيث كان وسيلة لاسترجاع ديارهم ورجوعهم إلى مقرهم ووطنهم، وأنه عين لهم نبيهم طالوت ملكاً يقودهم في هذا الأمر الذي لا بد له من قائد يحسن القيادة، وأنهم استغربوا تعيينه لطالوت وثَمَّ من هو أحق منه بيتاً وأكثر مالاً، فأجابهم نبيهم: إن الله اختاره عليكم بما آتاه الله من قوة العلم بالسياسة وقوة الجسم، اللذين هما آلة الشجاعة والنجدة وحسن التدبير، وأن الملك ليس بكثرة المال، ولا بكون صاحبه ممن كان الملك والسيادة في بيوتهم، فالله يؤتي ملكه من يشاء. ثم لم يكتف ذلك النبي الكريم بتقنيعهم بما ذكره من كفاءة طالوت واجتماع الصفات المطلوبة فيه حتى قال لهم: