{إن الله مبتليكم بنهر}؛ تمرون عليه وقت حاجة إلى الماء، {فمن شرب منه فليس مني}؛ أي لا يتبعني؛ لأن ذلك برهان على قلة صبره ووفور جزعه {ومن لم يطعمه فإنه مني}؛ لصدقه وصبره، {إلا من اغترف غرفة بيده}؛ أي: فإنه مسامح فيها. فلما وصلوا إلى ذلك النهر وكانوا محتاجين إلى الماء شربوا كلهم منه {إلا قليلاً منهم}؛ فإنهم صبروا ولم يشربوا {فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا}؛ أي: الناكلون أو الذين عبروا {لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده}؛ فإن كان القائلون هم الناكلين فهذا قول يبررون به نكولهم، وإن كان القائلون هم الذين عبروا مع طالوت فإنه حصل معهم نوع استضعاف لأنفسهم، ولكن شجعهم على الثبات والإقدام أهل الإيمان الكامل حيث قالوا: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}؛ بعونه وتأييده ونصره فثبتوا وصبروا لقتال عدوهم جالوت وجنوده.