{ولا تلبسوا}؛ أي: تخلطوا {الحق بالباطل وتكتموا الحق}؛ فنهاهم عن شيئين، عن خلط الحق بالباطل وكتمان الحق؛ لأن المقصود من أهل الكتب والعلم تمييز الحق [من الباطل] وإظهار الحق، ليهتدي بذلك المهتدون، ويرجع الضالون وتقوم الحجة على المعاندين؛ لأن الله فصل آياته وأوضح بيناته؛ ليميز الحق من الباطل، ولتستبين سبيل المهتدين من سبيل المجرمين، فمن عمل بهذا من أهل العلم؛ فهو من خلفاء الرسل وهداة الأمم، ومن لَبَّس الحق بالباطل فلم يميز هذا من هذا مع علمه بذلك، وكتم الحق الذي يعلمه وأُمِرَ بإظهاره؛ فهو من دعاة جهنم؛ لأن الناس لا يقتدون في أمر دينهم بغير علمائهم، فاختاروا لأنفسكم إحدى الحالتين.