يقول تعالى لنبيِّه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - على وجه الاستفهام التقريريِّ والتعظيم لهذه القصَّة والتفخيم لها:
{هل أتاك حديثُ موسى}: في حاله التي هي مبدأ سعادته ومنشأ نبوَّته؛ أنَّه رأى ناراً من بعيد، وكان قد ضلَّ الطريق، وأصابه البردُ، ولم يكنْ عنده ما يتدفَّأ به في سفره. فقال لأهلِهِ:
{إني آنستُ}؛ أي: أبصرتُ
{ناراً}: وكان ذلك في جانب
الطور الأيمن.
{لعلِّي آتيكُم منها بقَبَسٍ}: تصطلون به،
{أو أجِدُ على النار هُدى}؛ أي: من يهديني الطريق. وكان مطلبُهُ النور الحسي والهداية الحسيَّة، فوجَدَ ثَمَّ النورَ المعنويَّ؛ نور الوحي الذي تستنير به الأرواح والقلوب، والهداية الحقيقيَّة؛ هداية الصراط المستقيم الموصلة إلى جنَّات النعيم، فحصل له أمرٌ لم يكنْ في حسابِهِ ولا خَطَر بباله.