أي: ولا تمدَّ {عَيْنَيْكَ} معجباً ولا تكرِّر النظر مستحسناً إلى أحوال الدُّنيا والممتَّعين بها من المآكل والمشارب اللذيذة والملابس الفاخرة والبيوت المزخرفة والنساء المجمَّلة؛ فإنَّ ذلك كلَّه زهرةُ {الحَياةِ الدُّنيا}؛ تبتهج بها نفوسُ المغترين، وتأخُذُ إعجاباً بأبصار المعرِضين، ويتمتَّع بها بقطع النظرِ عن الآخرة القومُ الظالمون، ثم تذهب سريعاً وتمضي جميعاً، وتقتلُ محبِّيها وعشَّاقَها فيندمون حيث لا تنفع الندامة، ويعلمون ما هم عليه إذا قدِموا يوم القيامة، وإنَّما جعلها الله فتنةً واختباراً ليعلمَ من يَقِفُ عندها ويغترُّ بها ومَنْ هو أحسنُ عملاً. كما قال تعالى: {إنا جَعلنَا ما على الأرضِ زينَة لها لنَبلوهم أيُّهُم أحَسنُ عَملاً وإنَّا لجاعلونَ ما عَلَيْها صعيداً جُرُزاً}. {ورزقُ ربِّك}: العاجل من العلم والإيمان وحقائق الأعمال الصالحة، والآجل من النعيم المقيم والعيش السليم في جوار الربِّ الرحيم، {خيرٌ}: مما متَّعنا به أزواجاً في ذاته وصفاته، {وأبقى}: لكونِهِ لا ينقطع أكُلُها دائمٌ وظلُّها؛ كما قال تعالى: {بل تؤثِرونَ الحياة الدُّنيا. والآخرةُ خيرٌ وأبقى}. وفي هذه الآية إشارةٌ إلى أنَّ العبد إذا رأى من نفسِهِ طموحاً إلى زينة الدُّنيا وإقبالاً عليها أنْ يُذَكِّرَها ما أمامها من رزقِ ربِّه، وأنْ يوازِنَ بين هذا وهذا.