ثم ذَكَرَ جلالة هذا القرآن العظيم، وأنه تنزيلُ خالقِ الأرض والسماوات، المدبِّر لجميع المخلوقات؛ أي: فاقبلوا تنزيلَه بغاية الإذعان والمحبَّة والتسليم، وعظِّموه نهاية التعظيم. وكثيراً ما يقرِنُ بين الخَلْق والأمر؛ كما في هذه الآية وكما في قوله: {ألا لَهُ الخلقُ والأمر}، وفي قوله: {الله الذي خَلَقَ سبعَ سمواتٍ ومن الأرضِ مثلَهُنَّ يتنزَّلُ الأمرُ بينهنَّ}، وذلك أنَّه الخالق الآمر الناهي؛ فكما أنه لا خالق سواه؛ فليس على الخلق إلزامٌ ولا أمرٌ ولا نهيٌ إلاَّ من خالقهم. وأيضاً؛ فإنَّ خلقه للخلق فيه من التدبير القدريِّ الكونيِّ، وأمره فيه التدبير الشرعيُّ الدينيُّ؛ فكما أنَّ الخلق لا يخرُجُ عن الحكمة، فلم يَخْلُقْ شيئاً عبثاً؛ فكذلك لا يأمُرُ ولا ينهى إلاَّ بما هو عدلٌ وحكمةٌ وإحسانٌ.