فلما قرَّر كماله المطلق بعموم خلقه وعموم أمرِهِ ونهيِهِ وعموم رحمتِهِ وسعة عظمتِهِ وعلوِّه على عرشه وعموم ملكِهِ وعموم علمِهِ؛ نَتَجَ من ذلك أنَّه المستحقُّ للعبادة، وأنَّ عبادته هي الحقُّ التي يوجبها الشرع والعقل والفطرة، وعبادة غيره باطلةٌ، فقال: {الله لا إله إلاَّ هو}؛ أي: لا معبود بحقِّ ولا مألوه بالحبِّ والذُّلِّ والخوف والرجاء والمحبَّة والإنابة والدُّعاء إلاَّ هو. {له الأسماء الحسنى}؛ أي: له الأسماء الكثيرة الكاملة الحسنى: من حسنها أنَّها كلَّها أسماءٌ دالةٌ على المدح؛ فليس فيها اسمٌ لا يدلُّ على المدح والحمد، ومن حسنها أنَّها ليست أعلاماً محضةً، وإنما هي أسماءٌ وأوصافٌ، ومن حسنها أنَّها دالَّة على الصفات الكاملة وأنَّ له من كلِّ صفةٍ أكملها وأعمَّها وأجلَّها، ومن حسنها أنَّه أمر العبادَ أن يدعوه بها؛ لأنَّها وسيلةٌ مقربةٌ إليه؛ يحبُّها ويحبُّ من يحبُّها، ويحبُّ من يحفظُها، ويحبُّ من يبحث عن معانيها، ويتعبَّد له بها؛ قال تعالى: {ولله الأسماءُ الحسنى فادْعوه بها}.