وإنَّ هؤلاء المهلَكين لما أحسُّوا بعذاب الله وعقابه وباشرهم نزولُه؛ لم يمكنْ لهم الرجوعُ، ولا طريق لهم إلى النزوع، وإنَّما ضربوا الأرض بأرجلهم ندماً وقلقاً وتحسُّراً على ما فعلوا، فقيل لهم على وجه التهكُّم بهم: {لا تركُضوا وارجِعوا إلى ما أتْرِفْتُم فيه ومساكِنِكم لعلَّكم تُسألونَ}؛ أي: لا يفيدكم الركض والندم، ولكن؛ إنْ كان لكم اقتدارٌ؛ فارجعوا إلى ما أُتْرِفْتُم فيه من اللذَّات والمشتَهَيات ومساكِنِكم المزخرفات ودُنياكم التي غرَّتكم وألهتكم حتى جاءكم أمر الله؛ فكونوا فيها متمكِّنين، وللذَّاتها جانين، وفي منازلكم مطمئنِّين معظَّمين؛ لعلَّكم أن تكونوا مقصودين في أموركم كما كنتُم سابقاً مسؤولين من مطالب الدُّنيا كحالتكم الأولى، وهيهات!