أي: واذكر هذين النبيين [الكريمين] داود وسليمان مثنياً مبجِّلاً؛ إذْ آتاهما الله العلم الواسع والحكم بين العباد؛ بدليل قوله: {إذْ يحكُمانِ في الحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ فيه غَنَمُ القوم}؛ أي: إذ تحاكم إليهما صاحبُ حرثٍ نفشت فيه غنم القوم الأخرى؛ أي: رعتْ ليلاً، فأكلتْ ما في أشجارِهِ ورعتْ زرعه، فقضى فيه داود عليه السلام بأنَّ الغنم تكون لصاحب الحَرْث؛ نظراً إلى تفريط أصحابها، فعاقبهم بهذه العقوبة، وحكم فيها سليمانُ بحكم موافقٍ للصواب؛ بأنَّ أصحاب الغنم يدفعونَ غَنَمَهم إلى صاحب الحرث، فينتفع بدرِّها وصوفها، ويقومون على بستان صاحب الحرثِ حتَّى يعودَ إلى حاله الأولى؛ فإذا عاد إلى حاله؛ ترادّا، ورَجَعَ كلٌّ منهما بماله، وكان هذا من كمال فهمه وفطنته عليه السلام.