أي: واذكر مريم عليها السلام مثنياً عليها مبيِّناً لقَدْرها شاهراً لشرفها، فقال: {والتي أحصَنَتْ فرجَها}؛ أي: حفظته من الحرام وقربانه، بل ومن الحلال، فلم تتزوَّج؛ لاشتغالها بالعبادة واستغراق وقتها بالخدمةِ لربِّها، وحين جاءها جبريل في صورة بشرٍ سويٍّ تامِّ الخَلْق والحسن؛ {قالتْ إنِّي أعوذُ بالرحمن منك إن كنتَ تقيًّا}، فجازاها اللَّه من جنس عملها ورزقها ولداً من غير أب، بل نَفَخَ فيها جبريلُ عليه السلام، فحملت بإذنِ الله، {وجَعَلْناها وابْنها آيةً للعالمين}؛ حيثُ حملت به ووضَعَتْه من دون مسيس أحدٍ، وحيث تكلَّم في المهد، وبرَّأها مما ظنَّ بها المتَّهِمُون، وأخبر عن نفسه في تلك الحالة، وأجرى الله على يديه من الخوارق والمعجزات ما هو معلوم، فكانت وابنها آيةً للعالمين، يتحدَّث بها جيلاً بعد جيل، ويعتبر بها المعتبرون