ولهذا دعا الله عبادَه إلى السير في الأرض لينظُروا ويعتبِروا، فقال: {أفلم يَسيروا في الأرض}: بأبدانهم وقلوبهم؛ {فتكون لهم قلوبٌ يعقِلونَ بها}: آياتِ الله ويتأمَّلون بها مواقعَ عِبَرِهِ، {أو آذانٌ يسمعونَ بها}: أخبارَ الأمم الماضين وأنباء القرون المعذَّبين، وإلاَّ فمجرَّد نظر العين وسماع الأذُن وسير البدن الخالي من التفكُّر والاعتبار غير مفيدٍ ولا موصل إلى المطلوب، ولهذا قال: {فإنَّها لا تَعْمى الأبصارُ ولكن تَعْمى القلوبُ التي في الصُّدور}؛ أي: هذا العمى الضارُّ في الدين عمى القلب عن الحقِّ حتى لا يشاهدَه كما لا يشاهِدُ الأعمى المرئيَّات، وأما عمى البصر؛ فغايتُه بلغةٌ ومنفعةٌ دنيويَّةٌ.