هذه بشارةٌ كبرى لمن هاجر في سبيل الله، فخرج من دارِهِ ووطنِهِ وأولادِهِ ومالِهِ ابتغاءَ وجه الله ونصرةً لدين الله؛ فهذا قد وجب أجرُهُ على الله؛ سواءً مات على فراشِهِ أو قُتِلَ مجاهداً في سبيل الله. {لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رزقاً حسناً}: في البرزخ وفي يوم القيامة ؛ بدخول الجنَّة الجامعة للرَّوْح والرَّيْحان والحُسْن والإحسان ونعيم القلب والبدن، ويُحْتَمَلُ أنَّ المراد أنَّ المهاجر في سبيل الله قد تكفَّلَ الله برزقِهِ في الدُّنيا رزقاً واسعاً حسناً، سواء علم الله منه أنه يموتُ على فراشه أو يُقْتَلُ شهيداً؛ فكلُّهم مضمونٌ له الرزق؛ فلا يتَوَهَّم أنه إذا خرج من دياره وأمواله سيفتقرُ ويحتاج؛ فإنَّ رازِقَه هو خير الرازقين. وقد وقع كما أخبر؛ فإنَّ المهاجرين السابقين تركوا ديارهم وأبناءهم وأموالهم نُصْرَةً لدين الله، فلم يَلْبَثوا إلاَّ يسيراً حتى فتحَ الله عليهم البلادَ، ومكَّنهم من العباد، فاجْتَبوا من أموالها ما كانوا به من أغنى الناس.