هذا حثٌّ منه تعالى وترغيبٌ في النظر بآياتِهِ الدَّالَّة على وحدانيَّته وكماله، فقال: {ألم تَرَ}؛ أي: ألم تشاهِدْ ببصرك وبصيرتك، {أنَّ الله أنْزَلَ مِنَ السماء ماءً}: وهو المطر، فينزِلُ على أرضٍ خاشعةٍ مجدبةٍ، قد اغبرَّت أرجاؤُها ويَبِسَ ما فيها من شجرٍ ونباتٍ، فتصبح مخضرَّةً؛ قد اكتستْ من كلِّ زوج كريم، وصار لها بذلك منظرٌ بهيجٌ، أنَّ الذي أحياها بعد موتها وهمودها لَمحيي الموتى بعد أن كانوا رميماً. {إنَّ الله لطيفٌ خبيرٌ}: اللطيفُ: الذي يدرِكُ بواطن الأشياء وخفيَّاتها وسرائرها، الذي يسوقُ إلى عباده الخير، ويدفَعُ عنه الشرَّ بطرقٍ لطيفةٍ تَخْفى على العباد. ومن لطفِهِ أنَّه يُري عبده عزَّتَه في انتقامه، وكمال اقتدارِهِ، ثم يظهِرُ لطفَه بعد أن أشرف العبدُ على الهلاك. ومن لطفِهِ أنَّه يعلم مواقعَ القطرِ من الأرض وبذور الأرض في بواطنها، فيسوق ذلك الماء إلى ذلك البذر الذي خفي على عِلْم الخلائق، فَيَنْبُتُ منه أنواعُ النبات. {خبيرٌ}: بسرائر الأمور وخبايا الصُّدور وخفايا الأمور.